التعليم و مكانته فى المجتمع
د/ محمد جاد
التعليم هو اول ركيزة من ركائز المستقبل لأى دولة أو أمة ، فالعلم يرقى بالشعوب الى منازل عالية تبلغ السحاب العظام و تبلغ النجوم المواخر.
انظروا مثلاً إلى امريكا لم تعتمد على زراعتها و حرفيتها فى تقدمها و رغم ذلك صنعت حضارة من أقوى الحضارات على مر العصور، فلقد تخطت الاسكندر فى فتوحاته و تخطت الاعراب و فتوحاتهم و سبقت الفراعنه فى فنونهم.
لم تكن امريكا لتستطيع ان تبنى حاضرها و مستقبلها معتمدةً على غيرها من الدول ، بل تمكنت من بسط سيطرتها على ثرواتها و تسخيرها للعلم ، فنجد النتيجة تطور كل شئ فى امريكا .
أظن ان الفراعنة انفسهم خلطوا بين العلم و الواقع الذى يعيشون فيه فنجد تطورهم بشكل كبير فى الزراعة و الصناعه و التجارة فهم يدرسون كل شئ جيداً ، فالدولة التى لا تطبق العلم فى تعاملاتها و تكتفى بما يأتيها من الخارج من احداث هى دولة لن تصنع التاريخ ولن تذكر فى صفحاته إلا فى حروب تُجر أيديها فيها دون وعى أو إدراك.
أهم شئ هو النظام فى التعليم و ليس النظام هو العصا و الفلكة ولكن تعريف الطلاب على اهميته و ماهيته ، تلك الايام لو سألنا أى طالب لما تذهب الى المدرسة فسوف يجيب انه لا يعرف لانه ببساطة يستيقظ من النوم العميق و يساق على وجهه الى المدرسة يدخل الفصل و يجلس بين النوم و الاستيقاظ الى ان يدخل المدرس، و المدرس يعانى ويلات الحياة اليومية و هو الاخر منكبا على وجهه حتى يدخل الفصل حينما يأتى الناظر ، ينظر المدرس بغضب الى التلاميذ حتى لو ابتسم فى و جههم فان عصاه سيكشر فى وجههم .
مشكلتنا ان الطلاب لا يحبون ان يتعلموا فهم لا يحبون العلم ، و ينظرون إلى اصحاب الحرف على انهم أحسن معيشة و أيسر حال من المتعلمين، فالمتعلم يعانى الويلات فى الوظائف و اذا وجد وظيفة كان راتبها ضعيف واذا استقر تنتهى مدة التعاقد و قبلها يبحث عن الوساطة فى كل خطوة يسيرها ، فيقبل الايادى و ينفق الاموال من اجل الوظائف، و اذا نظرنا فى حال العلماء فنجدهم دائموا الشكوى لان أمن الدولة متربص بهم فهم نواة المجتمع الحقيقى و قلمه الذى يكتب و عقله الذى يفكر.
اذن فلماذا وجع الدماغ فى التعليم؟ و ما هى فوائدة عندنا حتى اذا تخرج شاب من كلية الطب أو الهندسة ليعمل سائق خصوصى عند عامل سباك ( مع احترامى للسباكين) الا انه المثل المضروب فى مصر بغض النظر عن المؤهل و بغض النظر عن صنعة المالك ، فهى تحكى واقعا مريرا أصبح فيه اصحاب العلوم فى مراتب اقل بكثير من الحرفيين.
مثلا الفلاح سوف يزرع الأرض و سوف تخرج نباتا باذن الله و سوف يحصد بدون ان يتغير حال . فى امريكا مثلا العلماء يبحثون فى كيفية تحقيق اقصى استفادة من اقل قدر من المياة لتحقيق نفس المحصول او اكبر بكثير من المحاصيل العادية ، اذن فهمنا دور العلم فى التطوير ، فلم نجد ان امريكا تنتظر العلماء المصريين حين يطوروا من الزراعة حتى تستورد منهم افكارهم و تطبقها ولا تنتظر من الفلاح ان يحصد محصولة اخر كل عام وانتهى الدور، فهم يبحثون عن التطوير و لا يشغلهم الا التفكير.
فى مصر نجد كفاءة العمل فى انعدام فمثلا القطار دائما يأتى متأخرا أو باكرا عن ميعاده ، و كذلك ميعاد الوصول لا يعلمه الا الله و السائقون فى القطار ، فدائماً هناك قطار مقابل و دائما هناك قطار اسرع يركبه رجال الاعمال فينتظره قطار العمال بالساعات اثناء سيرة لليصل كل مواطن الى عمله او بيته بدون احترام لمواعيدة و نادرا ما تصل فى ميعادك ، و كثيرا تتعجب من وصولك المبكر لكن هناك ما هو اكبر من القطار ، تدخل فى مواصلات داخلية كثيرة و دائما ايضا تجد عسكرى المرور واقفا – يلقط رزقه – يحرر المخالفات ولا يعبر الشارع الا من يدفع – اتاوة – ويزيد من الاجرة و كذلك تصل متاخرا الى عملك.
ماجعلنى اسوق هذين المثالين هما كيفية تأثير التعليم على حياتنا ، فبالتعليم تسمو امانينا و تتحقق آمالنا فى التقدم ، فلو ان هناك تفكير فى حياة المواطنين واوقاتهم لكان هناك تحسن فى الانتاج و لفكرنا فى التطوير حتى نصل الى البر الذى ينتظر فيه قطار رجال الاعمال قطار العمال لأنهم لهم الاولوية فى العبور.
ولن نتقدم دون ان ندرس مشاكلنا و نتعلم كيف نواجهها وليس ننكرها وكأن شيئا لم يكن ، و كأن المعاناة التى يعانيها المواطنون هى من حصاد أعمالهم ، لكن لا هى من حصائد من اعتلوا المناصب و وضعوا اموال الشعب فى بطونهم بدون تفكير فى المستقبل و بنظرة محدودة ، فالكل يعمل على بقاءة ولو كلفه الامر ان يضحى بالشعب كله ، و اخيراً أقول لنا الله فى حياتنا فهو نعم المولى و نعم النصير.



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق